ادخل بريدك الالكتروني ليصلك الجديد!

Showing posts with label نفحـات ربانيـة. Show all posts
Showing posts with label نفحـات ربانيـة. Show all posts

Friday, September 5, 2014

شاهد حجرة النبي عليه الصلاة و السلام


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي و سلم على سيدتا محمد و على آل سيدنا محمد صلاة
و سلاما دائمين الى يوم القيامة 
احواني أخواني السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل اشتقت لنبيك الكريم؟ هل خطر على بالك يوما كيف كانت حياته، كيف كان منزله، غرفته؟؟ بالتاكيد نعم فأنت مثلي و مثلنا الكثير الكثير، ممن يتمنون أن يكحلوا أعينهم بآثارالرسول صلى الله عليه وسلم. 
اليوم تستطيع ان تتجول في غرفة النبي صلى الله عليه وسلم و تكحل عينيك و تمتع ناظريك، لن أقول المزيد، سأدعك تكتشف بنفسك.
لكن قبل ذلك ألا يستحق الرسول صلى الله عليه وسلم أن تعطر فمك و  تصلي عليه عشرا قبل دخولك لغرفته؟


اللهم صلي على محمد و ال محمد و على صحبه الميامين الطيبين المنتجبين الى يوم الدين اللهم آمين .. آمين 



بعد أن كحلت عينيك بمتعة مشاهدة حجرة النبي، لا تكن أنانيا
 و شاركها مع اجبابك و أصدقائك، و اجعل من تحبه، عينه تكتحل 
بمشاهدة غرفة النبي، عن طريق صندوق التفاعل من الأسفل أضغط لايك و انشر.


Wednesday, July 16, 2014

عظيم الأجر في اغتنام العشر الأواخر من رمضان

عظيم الأجر في اغتنام العشر

إعداد / د : أحمد عرفة
معيد بجامعة الأزهر
ايام العشر افضل ايام الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فإن الله عز وجل اختص شهر رمضان بخصائص عظيمة عن غيره من الشهور، فهو شهر الصيام والقيام والقرآن ، وشهر الجهاد والانتصارات ، شهر الجود والخيرات والبركات والنفحات ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله ، وفيه لله عز وجل فى كل ليلة عتقاء من النار ، ومن أفضل أيام وليالى هذا الشهر ، العشر الأواخر التى فيها ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر ، فما هو فضل هذه الأيام العشر ، وما هى الأعمال المستحبة فيها ، وكيف كان حال النبى صلى الله عليه وسلم مع هذه الأيام العشر الأواخر من رمضان.

حال النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه العشر:

أخرج البخارى ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) ([1]).
وفي رواية لمسلم عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره) ([2]).
قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصّ العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر فمنها:

أولاً:إحياء الليل:

فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد روي من حديث عائشة من وجه فيه ضعف بلفظ: (وأحيا الليل كله) وفي المسند من وجه آخر عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر ـ يعني الأخير ـ شمر وشد المئزر) ([3]).
وخرج الحافظ أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعا وعشرين لم يذق غمضا)([4]).
ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه.
وقال مالك في الموطأ: بلغني أن ابن المسيب قال: من شهد ليلة القدر يعني في جماعة فقد أخذ بحظه منها.
وقال الشافعي في القديم: من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها.

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي:

وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام بهم ليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين ذكر أنه دعا أهله ونساءه ليلة سبع وعشرين خاصة.
وهذا يدل على أنه يتأكد إيقاظهم في أكد الأوتار التي ترجى فيها ليلة القدر.
وخرج الطبراني من حديث علي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان وكل صغير وكبير يطيق الصلاة) ([5])
قال سفيان الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا، فيقول لهما: ألا تقومان فتصليان، وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر) وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في وجهه.

ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد المئزر:

واختلفوا في تفسيره فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جده واجتهاده في العبادة، كما يقال فلان يشد وسطه ويسعى في كذا وهذا فيه نظر فإنها قالت: جد وشد المئزر فعطفت شد المئزر على جده.
والصحيح: أن المراد: اعتزاله النساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون، منهم: سفيان الثوري.
وقد ورد ذلك صريحا من حديث عائشة وأنس، وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس (وطوى فراشه واعتزل النساء) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم غالبا يعتكف العشر الأواخر.
والمعتكف ممنوع من قربان النساء بالنص والإجماع، وقد قالت طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) إنه طلب ليلة القدر.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:
والمعنى في ذلك: أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر، لئلا يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالاستمتاع المباح فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل، خصوصا في الليالي المرجو فيها ليلة القدر، فمن ههنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصيب من أهله في العشرين من رمضان ثم يعتزل نساءه، ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر([6]).

رابعاً: تأخيره للفطور إلى السحر:

وروي عنه من حديث عائشة وأنس: (أنه صلى الله عليه وسلم كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحورا) ([7]).

خامساً: اغتساله بين العشاءين:

روي من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بين العشاءين كل ليلة يعني من العشر الأواخر) وفي إسناده ضعف.
وقال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر.
وكان النخعي: يغتسل في العشر كل ليلة.
ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، فأمر ذر بن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان.
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيّب ولبس حلة إزار أو رداء، فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل([8]).
وكان أيوب السختياني: يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر، ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا يعني البصريين.
وقال حماد بن سلمة: كان ثابت البناني وحميد الطويل يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيّبان، ويطيبون المسجد بالنضوح والدخنة في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.
وقال ثابت: كان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم، وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:
فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد، وكذلك يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، كما قال تعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ([9]).
وقال ابن عمر: الله أحق أن يتزين له([10]).
ثانياً: الأعمال المستحبة فى هذه الأيام :
1- الاعتكاف:
عن ابن عمر رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان "([11]).
قال الإمام ابن بطال رحمه الله:
فهذا يدل على أن الاعتكاف من السنن المؤكدة ؛ لأنه مما واظب عليه النبى عليه السلام فينبغى للمؤمنين الاقتداء فى ذلك بنبيهم ، وذكر ابن المنذر عن ابن شهاب أنه كان يقول : عجبًا للمسلمين تركوا الاعتكاف ، وإن النبى عليه السلام لم يتركه منذ دخل المدينة كل عام فى العشر الأواخر حتى قبضه الله ([12]).
وقال القاضى عياض رحمه الله:
وفيه استحباب كونه فى العشر الأواخر من رمضان لمواظبة النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك لقوله : (كان يعتكف) ، وأكثر ما يستعمل هذا فيما كان يداوم عليه ، مع ما دلت عليه نصوص الآثار من تكراره ، ولأن ليلة القدر مطلوبة فى تلك العشر([13]).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى) ([14]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين)([15]).
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:
وإنما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العشر التي يطلب فيها ليلة القدر قطعاً لأشغاله، وتفريغا للياليه، وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه.
وكان يحتجر حصيراً يتخلى فيها عن الناس فلا يخالطهم ولا يشتغل بهم([16]).
فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الإنقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال، كان بعضهم لا يزال منفردا في بيته خاليا بربه فقيل له: أما تستوحش ؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: أنا جليس من ذكرني([17]).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:
ومقصود الاعتكاف وروحُه عكوفُ القلبِ على الله تعالى، وجمعيَّتُه عليه، والخلوةُ به، والانقطاعُ عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذِكره وحبه، والإقبالُ عليه فى محل هموم القلب وخطراته، فيستولى عليه بدلَها، ويصير الهمُّ كُلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكُر فى تحصيل مراضيه وما يُقرِّب منه، فيصيرُ أُنسه بالله بدَلاً عن أُنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوَحشة فى القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرحُ به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم([18]).
إن الاعتكاف وسيلة من وسائل التربية النبوية التى أرشدنا إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث أنه عنصر تهذيب ظاهر ويظهر ذلك فى الآتى:
أ- ففى الاعتكاف خروج من دائرة الحياة اليومية وتأثيرها الكبير على النفس وانشغالها ودورانها فى حركة لاتتوقف من أجل تحصيل مصالح الدنيا ومنافع العيش ، مما يجعلها تغفل عن المحاسبة والمراجعة والتعديل والإصلاح ، لذا كان فى الاعتكاف فرصة ذهبية لأن يراجع كل مسلم حياته فيرى نقاط الإجادة ونقاط التقصير والإهمال فيزيد من الأول وينقص من الآخر ما وسعه الجهد والطاقة.
ب- فى الاعتكاف عزلة محمودة تتيح للإنسان أن يخلو بنفسه وأن يحادثها عن أمانيه وأحلامه الماضية التى لم تتحقق كما يخبرها عن آماله فى المستقبل ، ويدرس ذلك بتأن وتؤده ، ويختار ما يستطيع أن يحققه ، فيستدرك ما قد يكون فاته، ويعزم على أن لايفوته فى المستقبل أن يرى آماله قد حققت فى أرض الواقع.
جـ-وفى الاعتكاف انشغال بما هو أهم وأجدى وأنفع للإنسان من قراءة القرآن وذكر الله وصلاة وقراءة عن أعلام الصحابة والسلف الصالح ، وفى ذلك تعويد له لأن يكون ذلك عادة حياته وفى مختلف مراحلها ، فيترك التوافه والصغائر والأمور غير ذى الجدوى أو ذات الجدوى القليلة ، التى بتركها لا يكون هناك تأثير ملحوظ على مسيرة الإنسان فى هذه الحياة.
د- والأهم مما سبق أن المعتكف يعتكف على طاعة الله ويقيم عليها مدة اعتكافه، فهو يعتكف فى أحب الأماكن إليه سبحانه (المساجد) ، ويقيم فيها على الطاعة والعبادة والابتهال والخضوع والخشوع ، فلا يكون همه إلا الله ولا مقصوده إلا إياه سبحانه ، ولا مراده سواه عز وجل ، وبحيث يخرج من الاعتكاف وقد اعتكف قلبه على طاعة الله فحسب ، لا ينظر ولا يقصد ولا يبتغى أحداً سواه ، فيكون منيباً إليه سبحانه([19]).
وفى ذلك يقول ذلك يقول ابن القيم رحمه الله كلمات مشرقة:
الإنابة هي عكوف القلب على الله عز و جل ، كاعتكاف البدن في المسجد لا يفارقه ، وحقيقة ذلك عكوف القلب على محبته وذكره بالإجلال والتعظيم وعكوف الجوارح على طاعته بالإخلاص له والمتابعة لرسوله .
ومن لم يعكف قلبه على الله وحده عكف على التماثيل المتنوعة كما قال إمام الخنفاء لقومه: ﭽ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ([20]) فاقتسم هو وقومه حقيقة العكوف ، فكان حظ قومه العكوف على التماثيل وكان حظه العكوف على الرب الجليل.
والتماثيل جمع تمثال ، وهو الصورة الممثلة ، فتعلق القلب بغير الله واشتغاله به،
والركون إليه عكوف منه على التماثيل التي قامت بقلبه ، وهو نظير العكوف على تماثيل الأصنام ، ولهذا كان شرك عباد الأصنام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وإرادتهم على تماثيلهم.
فإذا كان في القلب تماثيل قد ملكته واستعبدته ، بحيث يكون عاكفاً عليها فهو نظير عكوف الأصنام عليها ، ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبداً لها ، ودعا عليه بالتعس والنكس ، فقال: (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش) ([21])([22]).

2- أن فى هذه الأيام ليلة القدر:
فضل ليلة القدر:
قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)) ([23]).
لماذا سميت بليلة القدر؟
سميت بذلك لأن اللّه تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره ، إلى مثلها من السنة القابلة ؛ من أمر الموت والأجل والرزق وغيره. ويسلمه إلى مدبرات الأمور ، وهم أربعة من الملائكة : إسرافيل ، وميكائيل ، وعزرائيل ، وجبريل. عليهم السلام.
وقيل : إنما سميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها ، من قولهم : لفلان قدر ؛ أي شرف ومنزلة. قال الزهري وغيره.
وقيل : سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً ، وثواباً جزيلاً.
وقال أبو بكر الوراق : سميت بذلك لأن من لم يكن له قدر ولا خطر يصير في هذه الليلة ذا قدر إذا أحياها.
وقيل : سميت بذلك لأنه أنزل فيها كتابا ذا قدر ، على رسول ذي قدر ، على أمة ذات قدر.
وقيل : لأنه ينزل فيها ملائكة ذوي قدر وخطر.
وقيل : لأن اللّه تعالى ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة.
وقال سهل : سميت بذلك لأن اللّه تعالى قدر فيها الرحمة على المؤمنين.
وقال الخليل : لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة ؛ كقوله تعالى : {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ضيق([24]).
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:
وفي تسميتها بليلة القدر خمسة أقوال :
أحدها : أنها ليلة العظمة ، يقال : لفلان قدر قاله الزهري . ويشهد له : وما قدروا الله حق قدره .
والثاني : أنه الضيق . أي هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون قاله الخليل بن أحمد ويشهد له : ومن قدر عليه رزقه.
والثالث : أن القدر الحكم كأن الأشياء تقدر فيها . قاله ابن قتيبة.
والرابع : لأن من لم يكن قدر صار بمراعاتها إذا قدر . قاله أبو بكر الوراق
والخامس : لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر وينزل فيها رحمة ذات قدر وملائكة ذوو قدر حكاه شيخنا علي بن عبيد الله ([25]).
واختلف في ليلة القدر والحكمة في نزول الملائكة في هذه الليلة:
إن الملوك والسادات لا يحبون أن يدخل دارهم أحد حتى يزينون دارهم بالفرش والبسط، ويزينوا عبيدهم بالثياب والأسلحة، فإذا كان ليلة القدر أمر الرب تبارك وتعالى الملائكة بالنزول إلى الأرض، لأن العباد زينوا أنفسهم بالطاعات بالصوم والصلاة في ليالي رمضان، ومساجدهم بالقناديل والمصابيح، فيقول الرب تعالى: أنتم طعنتم في بني آدم وقلتم: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا) ([26]).
فقلت لكم: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) اذهبوا إليهم في هذه الليلة حتى تروهم قائمين ساجدين راكعين لتعلموا أني اخترتهم على علم على العالمين([27]) .
قال مالك: بلغني: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرى أعمار الناس قبله أوما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر) .
وقال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر([28]).
وليلة القدر ليلة عظيمة مباركة اختصها الله عز وجل بفضائل وخصائص كثيرة عن غيرها من الليالى منها:
1- أن الله تعالى أنزل القرآن الكريم في هذه الليلة، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}([29]).
عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: "أن القرآن الكريم أُنْزِل في ليلة القدر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلي بيت العزة في السماء الدنيا"([30]).
2- أن الله عز وجل العظيم؛ عظَّم شأنها وذكرها بقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أي: أن دراية علوها ومنزلتها خارج عن دائرة دراية الخلق، فلا يعلم ذلك إلا علام الغيوب جل جلاله.
3-إن العبادة والعمل الصالح فيها: من الصيام والقيام والدعاء وقراءة القرآن خيراً من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}([31]).
قال الإمام الطبري رحمه الله:
"عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر" ([32]).
4-ليلة القدر لا يخرج الشيطان معها:
ودليل ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشمس تطلع كل يوم بين قرني الشيطان إلا صبيحة ليلة القدر"([33]).
وفى رواية عند الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ"([34]).
وفى رواية ابن حبان عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها" ([35]).
ولذلك قال رب العالمين فيها: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}([36]).
فهي ليله كلها خير وسلام، سالمة من الشيطان وأذاه
عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: "في تلك الليلة تُصفَّد مردة الجن، وتُغلُّ عفاريت الجن وتفتح فيها أبواب السماء كلها ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب "([37]).
وقال مجاهد: "هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوء ولا يحدث فيها أذى"([38]).
وقال أيضاً: "لا يُرسَل فيها شيطان ولا يحدث فيها داء" .
5-أن الملائكة والروح تَنَزَّل في هذه الليلة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}([39]).
والمقصود بالروح: هو جبريل عليه السلام .
وأخرج ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى، والملائكة تنزل بالرحمات والبركات والسكينة، وقيل: تتنزل بكل أمر قضاه الله وقدره لهذه السنة"([40]).
6- أن الأمن والسلام يحل في هذه الليلة على أهل الإيمان:
قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}([41]).
واختلفوا في تفسير هذه الآية على أقوال:-
فقيل: سلام من الشر كله، فلا يكون فيها إلا السلامة، وقيل: تنزل الملائكة في هذه الليلة تسلم على أهل الإيمان، وقيل: لا يستطيع الشيطان أن يمسَّ أحداً فيها بسوء، وقيل غير ذلك.
عن الشعبي في قوله تعالى: { مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } قال: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر
وقال قتادة وابن زيد في قوله: {سَلامٌ هِيَ} يعني هي خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر([42]).
وقال الإمام ابن العربي رحمه الله: بعد أن حكى ثلاثة أقوال فى سبب هبة ليلة القدر لهذه الأمة والمنة عليهم بها ، قال:
والصحيح هو الأول : أن ذلك فضل من الله ، ولقد أعطيت أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الفضل ما لم تعطه أمة في طول عمرها ، فأولها أن كتب لها خمسون صلاة بخمس صلوات ، وكتب لها صوم سنة بشهر رمضان ، بل صوم سنة بثلاثين سنة في رواية عبد الله بن عمر وحسبما بيناه في الصحيح ، وطهر مالها بربع العشر ، وأعطيت خواتيم سورة البقرة من قرأها في ليلة كفتاه يعني عن قيام الليل ، وكتب لها أن من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام ليلة ، ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة ، فهذه ليلة ونصف في كل ليلة ؛ إلى غير ذلك مما يطول تعداده .
ومن أفضل ما أعطوا ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ؛ وهذا فضل لا يوازيه فضل، ومنة لا يقابلها شكر([43]).
7-أنهـا ليلـة مبــاركة قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ }([44]).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر كما قال عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}([45]).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: يعني ليلة القدر أن مَن قامها إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه.
8- يتم فيها تقدير مقادير السنة:
قال تعالى:{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}([46]).
قال ابن رجب – رحمه الله :
روي عن عكرمة وغيره من المفسرين في قوله تعالى: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}([47]).
أنها ليلة النصف من شعبان، والجمهور: على أنها ليلة القدر، وهو الصحيح. اهـ
3- تحرى ليلة القدر فى الليالى الوتر من هذه العشر:
وقد ورد فى فضل ليلة القدر وتحريها فى الليالى الوتر أحاديث كثيرة عن النبى صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)([48]).
قال الإمام ابن بطال رحمه الله:
قوله : (إيمانًا) يريد تصديقًاً بفرضه وبالثواب من الله تعالى ، على صيامه وقيامه ، وقوله : (احتسابًا) ، يريد بذلك يحتسب الثواب على الله ، وينوى بصيامه وجه الله ([49]).
وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) ([50]).
وقد بين لنا النبى صلى الله عليه وسلم أن ليلة القدر ليست فى ليلة معينة وإنما أرشدنا إلى تحرى هذه الليلة المباركة وطلبها فى الليالى الوتر من العشر الأواخر وقد جاءت فى ذلك أحاديث كثيرة منها:
عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان »([51]).
عن ابن عمر - رضي الله عنها - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان متحرياً فليتحرها ليلة سبع وعشرين -
 أو قال - : تحروها ليلة سبع وعشرين »([52]).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رجلا أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، إني شيخ كبير عليل يشق علي القيام فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر ، فقال : « عليك بالسابعة »([53]).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه - قال: "من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر", فمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف([54]) المسجد فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين"([55]).
قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله:
وفي الحديث دليل لمن رجح ليلة إحدى وعشرين في طلب ليلة القدر ومن ذهب إلى أن ليلة القدر تنتقل في الليالي فله أن يقول: كانت في تلك السنة ليلة إحدى وعشرين ولا يلزم من ذلك: أن تترجح هذه الليلة مطلقا والقول بتنقلها حسن لأن فيه جمعا من الأحاديث وحثا على إحياء جميع تلك الليالي([56]).
وعن زر بن حبيش قال : سمعت أبي بن كعب يقول : وقيل له إن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول : من قام السنة أصاب ليلة القدر ، فقال أبي : والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني ، والله إني لأعلم أي ليلة هي ، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها لا شعاع لها([57]).
وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان ، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال :
« إني رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها أو نسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر ، إني رأيت أني أسجد في ماء وطين فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع » فرجعنا وما نرى في السماء قزعة ، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل - وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين ، حتى رأيت أثر الطين في جبهته([58]).
وعن عبد الله بن أنيس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها وإذا بي أسجد صبيحتها في ماء وطين » . قال : فمطرنا في ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف ، وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه([59]).
وعن أبي بكرة : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « التمسوها في تسع بقين أو سبع بقين ، أو خمس بقين ، أو ثلاث بقين ، أو آخر ليلة »([60]).
وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس فقال : « يا أيها الناس إنها كانت أبينت لي ليلة القدر ، وإني خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، التمسوها في التاسعة ، والخامسة ، والسابعة »قال : قلت يا أبا سعيد : إنكم أعلم بالعدد منا ، فقال ! أجل نحن أحق بذلك منكم ، قال : قلت : ما التاسعة ، والسابعة ، والخامسة ؟ قال : إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها اثنان وعشرون فهي التاسعة ، فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة ، فإذا مضت خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة ([61]).
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى » ([62]).
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريا فليتحرها في السبع الأواخر »([63]).
وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ، فقال :
« خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة » ([64]).
قال الإمام البغوي رحمه الله :
وفي الجملة : أبهم الله هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة ليالي رمضان طمعا في إدراكها ، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس ، واسمه الأعظم في الأسماء ، ورضاه في الطاعات ليرغبوا في جميعها وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها وأخفى قيام الساعة ليجتهدوا في الطاعات حذرا من قيامها .
إذا تقرر هذا وعلمت ما ورد من الحث عليها ، فاعلم أنه ينبغي لكل موفق مريد للكمال والسعادة الأبدية أن يبذل وسعه ويستفرغ جهده في إحياء ليالي العشر الأخير وقيامها لعله أن يصادف تلك الليلة الجليلة التي اختص الله تعالى بها هذه الأمة ، وآتاهم فيها من الفضل ما لا يحصره العدد ([65]).
وقال الإمام البيهقى رحمه الله:
ومعنى ليلة القدر: الليلة التي يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي أن يجري على أيديهم من تدبير بني آدم ومحياهم ومماتهم إلى ليلة القدر من السنة القابلة وكان يدخل في هذه الجملة أيام حياة النبي صلى الله عليه وسلم أي يقدر فيها ما هو منزله من القرآن إلى مثلها من العام القابل .
فقال الله تعالى في وصف هذه الليلة : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} أي مبارك فيها لأولياء الله عز وجل فإنها جعلت خيراً من ألف شهر أحيوها فقدروها حق قدرها واقطعوها بالصلاة وقراءة القرآن والذكر دون اللغو واللهو ثم قال: {إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم} أي كل أمر مبني على السداد والحكمة.
ومعنى {يفرق} يفصل ليكون ما يلقى إلى الملائكة في السنة مقدراً بمقدار يحصره عليهم([66]).
4 - علامات ليلة القدر:
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله قال في ليلة القدر:«ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح شمسها صبيحتها ضعيفة حمراء»([67]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :«ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى»([68]).
وعن زر بن حبيش قال : سمعت أبي بن كعب يقول : وقيل له إن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول : من قام السنة أصاب ليلة القدر ، فقال أبي : والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني ، والله إني لأعلم أي ليلة هي ، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين ، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها لا شعاع لها([69]).
5- ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها([70]).
وقال الإمام الفخر الرازي رحمه الله:
أنه تعالى أخفى هذه الليلة لوجوه:
أحدها: أنه تعالى أخفاها كما أخفى سائر الأشياء، فإنه أخفى رضاه في الطاعات حتى يرغبوا في الكل، وأخفى غضبه في المعاصي ليحترزوا عن الكل، وأخفى وليَّه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل، وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في كل الدعوات، وأخفى الاسم الأعظم ليعظموا كل الأسماء، وأخفى الصلاة الوسطى ليحافظوا على الكل، وأخفى قبول التوبة ليواظب المكلف على جميع أقسام التوبة، وأخفى وقت الموت ليخاف المكلف... فكذا أخفى هذه الليلة ليعظموا جميع ليالي رمضان.
وثانيها: كأنه تعالى يقول: لو عينت ليلة القدر وأنا أعلم بتجاسركم على المعصية، فربما دعتك الشهوة في تلك الليلة إلى المعصية فوقعت في الذنب، فكانت معصيتك مع علمك أشد من معصيتك لا مع علمك؛ فلهذا السبب أخفيتها عليك.
روى أنه - عليه الصلاة والسلام -: "دخل المسجد فرأى نائماً، فقال: يا عليُّ نبهه ليتوضأ، فأيقظه عليُّ، ثم قال عليُّ: يا رسول الله إنك سبَّاق إلى الخيرات، فَلِمَ لم تنبِّهُه؟ قال: لأن ردَّه عليك ليس بكفر، ففعلت ذلك لتخفَّ جنايته لو أبى"
فإذا كانت هذه رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف برحمة الله تعالى.
فكأنه تعالى يقول: إذا علمتَ ليلة القدر؛ فإن أطعت فيها اكتسبت ثواب ألف شهر، وإن عصيت فيها اكتسبت عقاب ألف شهر، ودفع العقاب أولى من جلب الثواب.
وثالثها: أنى أخفيت هذه الليلة حتى يجتهد المكلف في طلبها حتى يكتسب ثواب الاجتهاد.
ورابعها: أن العبد إذا لم يتيقَّن ليلة القدر إنه يجتهد بالطاعة في جميع ليالي رمضان، على رجاء أنه ربما كانت هذه الليلة هي ليله القدر؛ فيباهي الله تعالى بهم ملائكته، ويقول: كنتم تقولون فيهم يفسدون ويسفكون الدماء، فهذا جدَّه واجتهاده في الليلة المظنونة، فكيف لو جعلتها معلومة له؛ فحينئذ يظهر سر قوله تعالى:
{ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }([71])([72]).
6- من الأعمال الفاضلة فى هذه الأيام العشر الدعاء:
من الأعمال المستحبة فى هذه الليالى العشر الإكثار من الدعاء
فالدعاء عبادة لله عز وجل ، وقد بين لنا المولى سبحانه وتعالى أنه قريب من عباده يستجيب لهم إذا دعوه فقال جل وعلا: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ}([73] ).
وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}([74]).
وأخرج الحاكم فى المستدرك بسند صحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : أفضل العبادة الدعاء([75]).
وأخرج أبودواد فى سننه عن النعمان بن بشير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء هو العبادة ، قال ربكم ادعوني أستجب لكم "([76]).
وقال يحيى بن أبي كثير: أفضل العبادة كلها الدعاء.
وروى أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يواظب على حزبه من الدعاء كما يواظب على حزبه من القرآن.
وقال ابن مسعود رضى الله عنه: لكل شيء ثمرة ، وثمرة الصلاة
الدعاء ([77]).
فيستحب للإنسان الإكثار من الدعاء فى هذه الأيام والليالى المباركة .
فعن عائشة رضى الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : إن وافقني ليلة القدر فماذا أقول ؟ فقال : " قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني "([78]).
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:
و إنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الإجتهاد في الأعمال فيها و في ليالي العشر لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا و لا حالا و لا مقالا فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر.
قال يحيى بن معاذ : ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو.
(إن كنت لا أصلح للقرب ... فشأنك عفو عن الذنب)([79]).
العَفُوّ: من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يحب العفو، فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته، فالرحمة من صفات الذات والغضب من صفات الفعل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك"([80]).
قال يحيى بن معاذ - رحمه الله -: "لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه لم يبتل بالذنب أكرم الناس عليه"([81]).
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:
قال سفيان الثوري:"الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة".
ومراده: أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لم يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجَّد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتَّلةً، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوَّذ، فجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكُّر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها... والله أعلم"([82]).
كانت هذه بعض الأعمال الصالحة التى يستحب فعلها فى هذه الأيام والليالى العشر المباركة وبيان فضلها ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه ، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال اللهم آمين.

منقول من موقع: صيد الفوائد.

Saturday, May 31, 2014

تنبيه الغافلين

فضائل شهر شعبان

تنبيه الغافلين
فضائل شهر شعبان
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[آل عمران:102].{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1].{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب:70-71].أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.أيها الأخوة الأحباب :أخرج الإمام النسائى فى سننه عن أسامة بن زيد ، قال : قلت : يا رسول الله ، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ، قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " ([1])0قال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله:وفى هذا الحديث فؤائد:أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه.وفي قوله: (يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقا أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم0وفيه: دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، كما كان طائفة من السلف .
ثم قال رحمه الله :
وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد:


الفائدة الأولى

أنه يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل. لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد وربه. ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياءوقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد، كان يخرج من بيته إلى سوقه ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته.وكانوا يستحبون لمن صام أن يظهر ما يخفي به صيامهفعن ابن مسعود: أنه قال: إذا أصبحتم صياما فأصبحوا مدهنين.وقال قتادة: يستحب للصائم أن يدهن حتى تذهب عنه غبرة الصيام.وقال أبو التياح: أدركت أبي ومشيخة الحي إذا صام أحدهم ادهن ولبس صالح ثيابه.

الفائدة الثانية:

أنه أشقّ على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس، وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهد من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم فسهلت الطاعات، وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس، فيشقّ على نفوس المستيقظين طاعاتهم لقلة من يقتدون بهم فيها، ولهذا المعنى قال النبي  صلى الله عليه وسلم  :(للعامل منهم أجر خمسين منكم، إنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون).

الفائدة الثالثة:

أن المفرد بالطاعة من أهل المعاصي والغفلة قد يدفع البلاء عن الناس كلهم، فكأنه يحميهم ويدافع عنهم([2]).قال العلماء: ورفع الأعمال على ثلاث درجات :الدرجة الأولى: رفع يومى ويكون ذلك فى صلاة الصبح وصلاة العصر  وذلك لما رواه البخارى ومسلم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون "([3])0الدرجة الثانية:رفع أسبوعى ويكون فى يوم الخميس وذلك لما رواه الإمام أحمد فى مسنده بسند حسن عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة ، فلا يقبل عمل قاطع رحم "([4])0الدرجة الثالثة : رفع سنوى ويكون ذلك فى شهر شعبان وذلك لما رواه النسائى عن أسامة بن زيد ، قال : قلت : يا رسول الله ، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ، قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " ([5]) .
وقال الإمام ابن الجوزى رحمه الله:واعلم أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات والشهوات ، فإذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصه على الخير . ولهذا فضل شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت ، وفضل ما بين العشاءين وفضل قيام نصف الليل ووقت السحر([6]) .وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله:"قيل في صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.قال سلمة بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القرّاء وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرّغ لقراءة القرآن([7]).


وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- وفي صومه -صلى الله عليه وسلم- أكثر من غيره ثلاث معان:أحدها: أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فربما شُغِل عن الصيام أشهراً، فجمع ذلك في شعبان؛ ليدركه قبل الصيام الفرض.الثاني: أنه فعل ذلك تعظيماً لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيماً لحقها.الثالث: أنه شهر ترفع فيه الأعمال؛ فأحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُرفعَ عملُه وهو صائم([8]) .


قال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله:فإن قيل: فكيف كان النبي  صلى الله عليه وسلم  يخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنه قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم) ؟فالجواب: أن جماعة من الناس أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لاعتقادهم أن صيام المحرم والأشهر الحرم أفضل من شعبان، كما صرح به الشافعية وغيرهم. والأظهر خلاف ذلك وأن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم.ويدل على ذلك ما خرجه الترمذي من حديث أنس سئل النبي  صلى الله عليه وسلم : أي الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال: (شعبان تعظيما لرمضان) وفي إسناده مقال([9]).


وقال رحمه الله:فإن قيل: فقد قال النبي  صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما) ولم يصم كذلك بل كان يصوم سردا ويفطر سردا ويصوم شعبان وكل اثنين وخميس ؟ قيل: صيام داود الذي فضله النبي  صلى الله عليه وسلم  على الصيام، قد فسره النبي   صلى الله عليه وسلم في حديث آخر، بأنه صوم شطر الدهر وكان صيام النبي   صلى الله عليه وسلم إذا جمع يبلغ نصف الدهر أو يزيد عليه. وقد كان يصوم مع ما سبق ذكره يوم عاشوراء أو تسع ذي الحجة.وإنما كان يفرق صيامه ولا يصوم يوما ويفطر يوما لأنه كان يتحرى صيام الأوقات الفاضلة. ولا يضر تفريق الصيام والفطر أكثر من يوم. ويوم إذا كان القصد به التقوى على ما هو أفضل من الصيام من أداء الرسالة وتبليغها والجهاد عليها والقيام بحقوقهافكان صيام يوم وفطر يوم يضعفه عن ذلك، ولهذا سئل النبي   صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة عمن يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال: (وددت أني طوقت ذلك) وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص لما كبر يسرد الفطر أحيانا ليتقوى به على الصيام، ثم يعود فيصوم ما فاته محافظة على ما فارق عليه النبي  صلى الله عليه وسلم  من صيام شطر الدهر، فحصل للنبي  صلى الله عليه وسلم  أجر صيام شطر الدهر وأزيد منه بصيامه المتفرق، وحصل له أجر تتابع الصيام بتمنيه لذلك، وإنما عاقه عنه الاشتغال بما هو أهم منه وأفضل. والله أعلم([10]).


حال النبى صلى الله عليه وسلم فى شهر شعبان وذكر شئ من فضائله:عن أبي سلمة ، أن عائشة رضي الله عنها ، حدثته قالت : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان ، فإنه كان يصوم شعبان كله " ([11])0عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول : لا يفطر ، ويفطر حتى نقول : لا يصوم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان "([12])0قال الإمام ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان"([13]).وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله: "وأما صيام النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر السنة فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور"([14])0وقال الإمام الصنعاني رحمه الله: "وفيه دليل على أنه يخصُّ شعبان بالصوم أكثر من غيره"([15])0وعن أبي سلمة ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها ، عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " كان يصوم حتى نقول : قد صام ويفطر حتى نقول : قد أفطر ، ولم أره صائما من شهر قط ، أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا " ([16])0وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صياما منه في شعبان "([17]).


أحاديث عطرة فى فضل صيام التطوع :عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمقال:" لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً "([18])0وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال : قلت :يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال: "عليك بالصوم فإنه لا عدل له "وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: " عليك بالصيام فإنه لا مثل له"([19])0وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة " ([20]).قال الإمام المناوي: " أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه   دخل الجنة مع السابقين الأولين ، أو من غير سبق عذاب ([21]).وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلمقال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، قال: فيشفعان " ([22])0


والله من وراء القصدوهو حسبنا ونعم الوكيل


المصدر: صيد الفوائد

Tuesday, May 6, 2014

حكم المواقع الربحية و موقع اربح

حكم المواقع الربحية
حكم المواقع الربحية
السؤال:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني أنا مسجل في موقع اربح وعنوانه:
(http://erba7.com/id/29607) أريد أن أعرف حكمه؟ وشكراً لكم.

الاجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اطلعنا على نظام الموقع المذكور في السؤال، ووجدنا أنه كغيره من المواقع التي تتخذ من القمار وسيلة للكسب والثراء، على حساب الأغرار والبسطاء، إذ لا سلعة يُتاجر فيها، ولا عمل يمكن أن يقوم به المشترك، سوى أنه يدفع مبلغاً من المال (25 دولاراً) لا بقصد المشاركة ولا المضاربة ولا الهبة ولا القرض، وإنما لاحتمال الربح الذي قد يحصل وقد لا يحصل، وهذا هو القمار بعينه، ولا تزال هذه الشركات تطل علينا برؤوسها حيناً بعد حين، داعية الناس إلى الكسل والتواني عن العمل، والكسب غير المشروع مع ما في هذه الشركات من منافاة للأصل في الكسب في الإسلام، والذي ينبني على العمل أو المال بالصور المذكورة في أنواع الشركات، ولمعرفة بعض الشركات التي تعمل بمثل هذه الصورة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21192، 19359، 35274. والله أعلم.

Saturday, April 26, 2014

كيفية الصلاة الصحيحة

بسم الله الرحمن الرحيم اخواني أخواتي الأعزاء 
الكثير من الاخوة المصلين يقون في أخطاء كبيرة أثناء القيام بواجب الصلاة، و الغالبية العظمى عن جهل و عدم اكتراث ذلك لأنه تعلم صلاتة على هذا النحو الخاطئ و استمر عليها طيلة حياته، بهذه الكيفية و من مبدأ لا يعذر الجاهل بجهله أحببت أن أضع لكم هذا الفيديو للشيخ وسيم يوسف الذي يبين الطريقة الصحيحة للصلاة كما وردت عن النبي صلى الله عليه و سلم لقوله صلى الله عليه و سلم: صلوا كما رأيتموني أصلي.
كيفية الصلاة الصحيحة
كيفية الصلاة الصحيحة
أرجو ان يستفيد الاخوة من هذا الفيديو و من كان يصلي بطريقة خاطئة فليبدا بتصحيح صلاته لأنه كلما كانت الصلاة على أكمل وجه حصلت الفائدة المرجوة و الاجر العظيم ألا و هو قبول المولى عز و جل صلواتنا و قيامنا.
اللهم تقبل صلاتنا و اغفر زلاتنا و استر عوراتنا 
و أسألكم دعوة في ظهر الغيب و السلام عليم